العربية
Perspective

مئة عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني 

صادف هذا الشهر مرور 100 عام على افتتاح المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الصيني في مدرسة فتيات شنغهاي في يوليو 1921. كان حدثا ذا أهمية تاريخية عالمية ، استلهم  الثورة الروسية عام 1917 ، ومثل نقطة تحول حاسم في النضال المطول للشعب الصيني ضد الاضطهاد الطبقي والسيطرة الإمبريالية.

إن المفاهيم الثورية التي وجهت تأسيس الحزب الشيوعي الصيني قبل 100 عام تقف في تناقض صارخ مع النفاق والتزوير الذي ميز الاحتفالات المئوية الرسمية ، والتي هدفت إلى تعزيز مكانة الحزب العامة والرئيس شي جين بينغ على وجه الخصوص.

[AP Photo/Ng Han Guan]

غرق التلفزيون الصيني ق في الدراما التي صورت تاريخ الحزب. عُقدت الندوات في الأحياء المحلية في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد. وتم دفع 'السياحة الحمراء' ، مع تشجيع فروع الحزب ووحدات العمل والنوادي المحلية على زيارة المواقع المرتبطة بتاريخ الحزب الشيوعي الصيني ، بما في ذلك مسقط رأس ماو تسي تونغ. مطلوب من دور السينما أن تعرض ، مرتين أسبوعيا ، أفلام تمجد الحزب الشيوعي الصيني، والمسارح تنظم ما يسمى بالأوبرا الثورية. ويتم فيكل مكان لصق ثمانين شعاراً جديداً ، مثل 'اتبع الحزب إلى الأبد' و 'لا قوة تستطيع إيقاف مسيرة الشعب الصيني' .

وتستمر القائمة ، وكلها تمجد القومية الصينية ودور الحزب الشيوعي الصيني في إنهاء خضوع الصين المهين في القرنين التاسع عشر والعشرين للقوى الإمبريالية وفي بناء الأمة الصينية. يُطلب من تلاميذ المدارس كتابة مقالات عن 'الحلم الصيني' لشي جين بينغ لتحويل الصين إلى قوة عظمى على المسرح الدولي. وتقدم فصول تعليم الكبار خصومات مقابل المقالات التي تمدح الأيديولوجية الماوية و 'فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد'.

يكمن وراء هذه المبالغة القومية توتر واضح في جهاز الحزب الشيوعي الصيني من أن الذكرى المئوية ستؤدي إلى استجواب نقدي لسلسلة الأكاذيب التي تشكل التاريخ الرسمي للحزب. ففي 9 أبريل ، أضاف مركز الإبلاغ عن المعلومات غير القانونية وغير الصحية ، وهو قسم من أجهزة ضبط الأمن على الإنترنت في الصين ، فئة جديدة إلى رقابته الواسعة بالفعل من خلال الإعلان عن منشأة جديدة لمحاربة 'العدمية التاريخية'. يتم تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن المنشورات عبر الإنترنت التي يُزعم أنها تشوه تاريخ الحزب الشيوعي الصيني ، أو تهاجم قيادته أو أيديولوجيته ، أو 'تتهجم على  الشهداء الأبطال'.

هناك سبب وجيه للقلق ، لا سيما في ظل الظروف التي يسود فيها الاشمئزاز على نطاق واسع من بيروقراطية الحزب الشيوعي الصيني الفاسدة ، والتي تمثل بصراحة مصالح الطبقات الأكثر ثراءً من السكان. الاحتفال الرسمي كله مبني على الكذبة الشفافة بأن الحزب ظل وفيا لمبادئه التأسيسية. في الواقع ، تخلى الحزب الشيوعي الصيني منذ زمن بعيد عن برنامج الأممية الاشتراكية الذي تأسس على قاعدته.

في 23 يوليو 1921 - وليس الأول من يوليو ، وهو خطأ لم يصححه الحزب الشيوعي الصيني مطلقاً - افتتح المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الصيني في مهجع ليسيه فتيات بوين في منطقة الامتياز الفرنسي في شنغهاي وانتقل لاحقاً إلى منزل خاص. حضر 12 مندوباً - اثنان من كل من شنغهاي وبكين ووهان وتشانغشا وجينان - بالإضافة إلى ممثلين عن الأممية الثالثة أو الكومنترن - هينك سنيفليت ، المعروف باسم مارينغ ، وفلاديمير نيمان ، المعروف في الصين باسم نيكولسكي. وكان من بين الحاضرين أيضاً ممثل خاص لشن دوكسيو الذي لم يتمكن من الحضور ولكن تم انتخابه رئيساً مؤسساً للحزب الشيوعي الصيني.

في حين أن الدعاية الحالية للحزب الشيوعي الصيني تقدم المؤتمر على أنه شأن صيني ، فإن تأسيس الحزب الشيوعي في الصين ، كما هو الحال في البلدان الأخرى ، عكس التأثير الدولي الهائل للثورة الروسية في أكتوبر 1917 وإنشاء الدولة العمالية الأولى من قبل الحزب الشيوعي بقيادة فلاديمير لينين وليون تروتسكي. وجه البيان الصادر عن المؤتمر التأسيسي للأممية الثالثة في مارس 1919 نداءً مباشرًا إلى الجماهير في البلدان المستعمرة ، معلناً: 'إلى العبيد المستعمرين في أفريقيا وآسيا: ستكون ساعة دكتاتورية البروليتاريا هي أيضاً ساعة تحرركم'.

وجد المثقفون والشباب في الصين الذين يبحثون عن وسيلة لمحاربة الاضطهاد شبه الاستعماري في البلاد الرسالة جذابة للغاية. جعلت الثورة الصينية عام 1911 م صن يات صن ، الذي شكل الكومينتانغ القومي البرجوازي (حزب الكومينتانغ) ، رئيساً مؤقتاً لـ 'جمهورية الصين' لكنه فشل في توحيد البلاد أو إنهاء الهيمنة الإمبريالية. علاوة على ذلك ، في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، أيدت القوى الكبرى المنتصرة في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919 مطالبات اليابان بمقاطعة شاندونغ ، التي تم الاستيلاء عليها من ألمانيا. وحين أصبح القرار علنياُ ، أثار احتجاجات وإضرابات واسعة النطاق بدأت في 4 مايو 1919. ما أصبح معروفاً باسم حركة 4 مايو انبثق من المشاعر المناهضة للإمبريالية ولكنه أدى إلى اندماج فكري وسياسي أوسع بكثير ، حيث كان تشين دوكسيو و لي داجهاو المقرب منه أدواراً قيادية.

أعلن مقال نشرته مؤخراً وكالة أنباء شينخوا المملوكة للدولة في سلسلة 'دروس الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني' أن الهدف التأسيسي للحزب في عام 1921 كان 'التجديد العظيم للأمة الصينية'. وتابع: 'إن الحزب الشيوعي الصيني يحمل على عاتقه المهام التاريخية المتمثلة في إنقاذ البلاد وإحيائها وإثرائها وتمكينها. سيظل دائما طليعة الأمة الصينية والشعب الصيني ؛ سيشكل صرحاً تاريخياً ، سيتم على أساسه تمييز إنجازاته العظيمة لآلاف السنين '.

هذا التمجيد للقومية الصينية غريب تماماً عن المفاهيم التي وجهت تأسيس الحزب الشيوعي الصيني ، الذي ارتبط بالثورة الروسية وتدخل الأممية الثالثة في الصين. تم كسب هؤلاء الشباب والمفكرين الذين خرجوا من حركة 4 مايو لتشكيل الحزب على أساس أن النضال ضد الإمبريالية كان لا ينفصل عن النضال العالمي للإطاحة بالرأسمالية وتأسيس الاشتراكية. كان هدفها هو الثورة الاشتراكية العالمية ، وليس المفهوم القومي الرجعي - 'تجديد شباب الأمة الصينية' - وهذا هو العنصر الأساسي في 'حلم' شي.

لقد أوضحت وثائق المؤتمر الأول في عام 1921 المبادئ الأساسية للحزب: الإطاحة بالرأسمالية من قبل الطبقة العاملة وإقامة دكتاتورية البروليتاريا ، مما يقود إلى إلغاء الطبقات ، ووضع حد للملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. ، والوحدة مع الأممية الثالثة.

إن أي فحص موضوعي للحزب الشيوعي الصيني  اليوم يفضح الادعاء بأنه يواصل الكفاح من أجل هذه الأهداف. الحزب الشيوعي الصيني ليس حزباً للبروليتاريا بل هو حزب الجهاز البيروقراطي الذي يحكم الصين. حتى وفقاً للأرقام الرسمية الخاصة بالحزب ، يشكل العمال 7 في المائة فقط من أعضاء الحزب ، الذي يهيمن عليه موظفو الدولة بأغلبية ساحقة ويضم بعض أغنى المليارديرات في الصين.كما أن النقابات العمالية التي تديرها الدولة تراقب الطبقة العاملة وتقمع أي معارضة من قبل العمال لظروفهم القمعية.

إن الادعاء بأن الصين ، بشركاتها الخاصة الضخمة ، وأسواقها المالية ، والأثرياء من أصحاب المليارات ، حيث يسيطر الربح الخاص والسوق على كل جانب من جوانب الحياة ، تمثل 'اشتراكية بخصائص صينية' ، هو ادعاء هزلي. لا علاقة لـ 'حلم' شي بأمة صينية قوية بالاشتراكية أو الشيوعية. إنه يمثل طموحات الأوليغارشية فاحشة الثراء والنخب الثرية التي ظهرت مع استعادة الرأسمالية في الصين في عهد دنغ شياو بينغ من عام 1978 فصاعداً.

في السياسة الحالية للحكومة الصينية ، لا يوجد أي أثر للأممية التي ألهمت تأسيس الحزب الشيوعي الصيني في عام 1921. هدف الحزب الشيوعي الصيني اليوم ليس الإطاحة بالإمبريالية بل الحصول على مكانة بارزة في النظام الرأسمالي العالمي. إنها لا تدعو إلى الثورة الاشتراكية أو تدعمها في أي مكان في العالم ، بما في ذلك في المقام الأول في الصين ، حيث تستخدم جهاز الدولة البوليسي الضخم لقمع أي معارضة ، حتى وإن كانت محدودة.

السؤال الحاسم الذي يواجه العمال والشباب والمثقفين في الصين اليوم الراغبين في النضال من أجل اشتراكية حقيقية هو ما هو المنظور الذي سيوجه هذا النضال. للإجابة على هذا السؤال يتطلب فهم كيف ولماذا تحول الحزب الشيوعي الصيني من حزب ثوري يناضل للإطاحة بالرأسمالية إلى نقيضها التام.

تبرز ثلاث نقاط تحول رئيسية في تاريخ الحزب الطويل والمعقد.

الثورة الصينية الثانية (1925–27)

النقطة الأولى هي الثورة الصينية الثانية 1925-1927 وهزيمتها المأساوية. تقع المسؤولية السياسية الرئيسية عن سحق هذه الحركة الثورية الواسعة على عاتق البيروقراطية الناشئة في موسكو تحت حكم ستالين ، التي تخلت ، في ظل ظروف هزيمة الثورات في أوروبا والعزلة المستمرة للدولة العمالية ، عن الأممية الاشتراكية التي قامت عليها الثورة الروسية وطورت المنظور الرجعي لـ 'الاشتراكية في بلد واحد'.

وبذلك ، حوَّل الجهاز الستاليني الأممية الثالثة من وسيلة لدفع الثورة الاشتراكية العالمية إلى أداة للسياسة الخارجية السوفيتية حيث خضعت الطبقة العاملة في بلد بعد بلد لتحالفات انتهازية مع ما يسمى بالأحزاب والمنظمات اليسارية.

كان التأثير على الحزب الشيوعي الصيني الفتي وعديم الخبرة فورياً. ففي عام 1923 ، أصر الكومنترن ، ضد معارضة قادة الحزب الشيوعي الصيني ، على أن يقوم الحزب بحل نفسه وأن ينضم أعضائه بشكل فردي إلى حزب الكومينتانغ البرجوازي ، مدعياً أنه يمثل 'المجموعة الثورية الوطنية الجادة الوحيدة في الصين'.

نفت هذه التعليمات مجمل تجربة الثورة الروسية ، التي تمت في إطار معارضة لا يمكن التوفيق بينها وبين 'البرجوازية الليبرالية'. لقد كانت عودة إلى نظرية المرحلتين للمناشفة الذين أكدوا أنه في النضال ضد الاستبداد القيصري في روسيا ، يمكن للطبقة العاملة فقط مساعدة الكاديت الليبراليين في إقامة جمهورية برجوازية ، مما يؤجل النضال من أجل الاشتراكية - المرحلة الثانية - إلى المستقبل غير المحدود.

لما نوقشت القضية في المكتب السياسي للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي في أوائل عام 1923 ، كان ليون تروتسكي العضو الوحيد الذي عارض وصوت ضد الانضمام إلى حزب الكومينتانغ. كان لينين قد أصابه بالعجز بسبب سلسلة من الجلطات الدماغية - الأولى في مايو 1922. ففي 'مسودة أطروحات حول المسائل القومية والاستعمارية' التي كتبها عام 1920 ، أصر لينين على أن البروليتاريا ، بينما تدعم الحركات المناهضة للإمبريالية ، يجب أن تحافظ الاستقلال السياسي عن جميع فصائل البرجوازية الوطنية.

في نظريته عن الثورة الدائمة ، التي وجهت الثورة الروسية ، أظهر تروتسكي العجز العضوي للبرجوازية الوطنية عن أداء المهام الديمقراطية الأساسية ، والتي لا يمكن تحقيقها إلا من قبل البروليتاريا ، كجزء من النضال من أجل الاشتراكية. قام بتشكيل المعارضة اليسارية في وقت لاحق في عام 1923 للدفاع عن مبادئ الاشتراكية الدولية ضد رفضها من قبل البيروقراطية الستالينية.

كان لإخضاع الحزب الشيوعي الصيني ، وبالتالي الطبقة العاملة الصينية ، لحزب الكومينتانغ عواقباً وخيمة على الحركة الثورية الجماهيرية للإضرابات والاحتجاجات التي اندلعت في عام 1925 ، التي حرضها إطلاق النار على المتظاهرين في شنغهاي من قبل شرطة البلدية البريطانية في 30 مايو. على الرغم من فرض قيود متزايدة الصرامة على الأنشطة السياسية لأعضاء الحزب الشيوعي الصيني داخل حزب الكومينتانغ - بقيادة تشيانج كاي شيك - عارض ستالين أي انفصال عن حزب الكومينتانغ واستمر في رسم هذا الحزب البورجوازي بألوان 'ثورية' مشرقة.

في عام 1927 ، كشف تروتسكي عن زيف ادعاء ستالين بأن النضال ضد الإمبريالية سيجبر البرجوازية الصينية على لعب دور ثوري ، موضحاً:

إن النضال الثوري ضد الإمبريالية لا يضعف ، بل يقوي التمايز السياسي بين الطبقات ... إن إثارة العمال والفلاحين ضد الإمبريالية أمر ممكن فقط من خلال ربط مصالحهم الحياتية الأساسية والأكثر عمقاً بقضية تحرير البلاد ... لكن كل ما في الأمر إن هذا يدفع بالجماهير المضطهدة والمستغَلة من الكادحين إلى الوقوف على أقدامهم لا محالة ، ويدفع البرجوازية الوطنية إلى تحالف مفتوح مع الإمبرياليين. إن الصراع الطبقي بين البرجوازية وجماهير العمال والفلاحين لم يضعف ، بل على العكس من ذلك ، يشتد بسبب الاضطهاد الإمبريالي ، إلى حد الحرب الأهلية الدموية عند كل صراع خطير.

تم تأكيد صحة هذا التحذير بشكل مأساوي. من خلال إخضاع الحزب الشيوعي الصيني لحزب الكومينتانغ ، أصبح ستالين حفار قبر الثورة ، مما سهل مذبحة أبريل 1927 لآلاف العمال وأعضاء الحزب الشيوعي الصيني في شنغهاي على يد تشيانج كاي تشيك وجيوشه وما تبع ذلك من ذبح للعمال والفلاحين من قبل ما دُعي بيسار الكيومنتانغ في مايو 1927. ثم قام ستالين بعكس  سياسته بشكل مفاجئ ، ووسط تراجع المد الثوري ، دفع الحزب الشيوعي الصيني المنهك إلى سلسلة من المغامرات الكارثية.

هذه الهزائم الكارثية ، التي كان لها تأثير بعيد المدى على تاريخ القرن العشرين ، كانت بمثابة علامة فعالة على نهاية الحزب الشيوعي الصيني كحزب جماهيري للطبقة العاملة الصينية.

وبعيداً عن استخلاص الدروس السياسية الضرورية من هذه التجربة المأساوية ، أصر ستالين على أن سياساته كانت صحيحة وجعل زعيم الحزب الشيوعي الصيني تشين دوكسيو كبش فداء للهزائم. تشن وغيره من قادة الحزب الشيوعي الصيني البارزين ، سعوا للحصول على إجابات للأسئلة التي طرحتها الثورة الصينية الثانية ، انجذبوا إلى كتابات تروتسكي وشكلوا المعارضة اليسارية الصينية ثم قسما من الأممية الرابعة ، التي أسسها تروتسكي في عام 1938 لمعارضة خيانات الستالينية الهمجية في الصين وعلى الصعيد الدولي.

أولئك الذين بقوا في الحزب الشيوعي الصيني دافعوا عن ستالين وجرائمه تماماً ، بما في ذلك نظرية المناشفة ذات المرحلتين ، وتراجعوا إلى الريف. توصل ماو تسي تونغ ، الذي تولى في النهاية قيادة الحزب الشيوعي الصيني دون منازع في عام 1935 ، إلى الاستنتاج المناهض للماركسية من هزائم العشرينيات بأن الفلاحين ، وليس البروليتاريا ، هم القوة الرئيسية في الثورة الصينية.

الثورة الصينية الثالثة عام 1949

كان لهذا عواقب بعيدة المدى للثورة الصينية الثالثة لعام 1949 - ثاني نقطة تحول رئيسية في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني.

بينما كان تروتسكي مدركاً تماماً الأهمية الثورية الديمقراطية الهائلة لنضالات الفلاحين في الصين وضرورة فوز الطبقة العاملة بدعم جماهير الفلاحين ، فقد وجه تحذيراً شديد البصيرة بشأن الآثار المترتبة على محاولة استبدال عمال  بالفلاحين أساساً اجتماعياً للحركة الاشتراكية الثورية.

كتب تروتسكي عام 1932في رسالة إلى أنصار المعارضة اليسارية الصينيين :

إن حركة الفلاحين هي عامل ثوري عظيم بقدر ما هي موجهة ضد كبار ملاك الأراضي والعسكريين والإقطاعيين والمرابين. لكن في الحركة الفلاحية نفسها توجد اتجاهات ورجعية قوية للغاية بين صفوف الملاكين، وفي مرحلة معينة يمكن أن تصبح معادية للعمال وتحافظ على هذا العداء المجهز بشكل مسبق بالأسلحة. من ينسى الطبيعة المزدوجة للفلاحين ليس ماركسياً. يجب تعليم العمال المتقدمين أن يميزوا بين اللافتات 'الشيوعية' ويافطات الصيرورات الاجتماعية الفعلية.

حذر تروتسكي من أن جيوش الفلاحين بقيادة ماو يمكن أن تتحول إلى عدو مفتوح للبروليتاريا ، وأن يحرض الفلاحين ضد العمال وطليعتهم الماركسية التي يمثلها التروتسكيون الصينيون.

كانت هزيمة حزب الكومينتانغ واستيلاء الحزب الشيوعي الصيني على السلطة وإعلانه جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 1949 نتيجةً لاضطراب ثوري بالغ الأهمية في أكثر دول العالم سكاناً. لقد كان جزءاً من الحركات الثورية والنضالات المناهضة للاستعمار التي اندلعت في جميع أنحاء العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، مما عكس تصميم الشعب العامل على إنهاء النظام الرأسمالي الذي أنتج حربين عالميتين والكساد العظيم.

كنتيجة للهيمنة  السياسية للحزب الشيوعي الصيني ، كانت الثورة الصينية ظاهرة متناقضة لم يتم فهمها بشكل جيد. فباتباع الخط الذي أملاه ستالين والذي أدى إلى هزائم الحركات الثورية في فترة ما بعد الحرب في أوروبا على وجه الخصوص ، حافظ ماو والحزب الشيوعي الصيني على التحالف الانتهازي مع حزب الكومينتانغ ، الذي تم تشكيله في عام 1937 ضد الغزو الياباني للصين ، وحاول تشكيل حكومة معه. لكن فقط لما شن تشيانغ كاي شيك وحزب الكومينتانغ عملاً عسكرياً ضد الحزب الشيوعي الصيني ، دعا ماو أخيراً إلى الإطاحة به في أكتوبر 1947 وإلى بناء 'صين جديدة'.

شهد الانهيار السريع لنظام الكومينتانغ على مدى العامين التاليين على تعفنه الداخلي وإفلاس الرأسمالية الصينية ، مما أدى إلى معارضة واسعة النطاق ، بما في ذلك موجة من الإضرابات في الطبقة العاملة. ومع ذلك ، لم يوجه الحزب الشيوعي الصيني أي اتجاه للطبقة العاملة وأصر على الانتظار بشكل سلبي دخول جيوش الفلاحين التابعة لماو إلى المدن. تبعا للنظرية المنشفيك-الستالينية ذات المرحلتين ، كان منظور ماو لـ 'الصين الجديدة' من أجل جمهورية برجوازية يحافظ فيها الحزب الشيوعي الصيني على علاقات الملكية الرأسمالية وتحالفات مع بقايا الطبقة الرأسمالية الصينية ، والتي هربت في الغالب مع الكومينتانغ إلى تايوان.

أدى برنامج ماو إلى تشويه الثورة. إن الحفاظ على علاقات الملكية الرأسمالية يعني القمع البيروقراطي لمطالب العمال و نضالاتهم. كان جهاز الدولة الستاليني الذي انبثق عن قيادة جيوش الفلاحين واستند إليها ، معادياً بعمق للطبقة العاملة. تم تجنيد العمال في الحزب الشيوعي الصيني ليس لتزويد الطبقة العاملة بصوت سياسي ولكن لتشديد السيطرة على الطبقة العاملة.

كان ماو قد زعم أن المرحلة 'الديمقراطية' المزعومة للثورة ستستمر سنوات عديدة. ومع ذلك ، واجه الحزب الشيوعي الصيني في أقل من عام تهديد الهجوم العسكري من قبل الإمبريالية الأمريكية ، التي أطلقت الحرب الكورية في عام 1950. ومع استمرار الحرب واضطرار الصين للتدخل ، واجهت تخريباً داخلياً من قبل فئات من الطبقة الرأسمالية التي عدت الجيوش التي تقودها الولايات المتحدة في كوريا محررة محتملة لها. و في مواجهة غزو أمريكي محتمل ، اضطر النظام الماوي إلى التعدي على المشاريع الخاصة بسرعة وإقامة تخطيط اقتصادي بيروقراطي على النمط السوفيتي.

في الوقت نفسه ، خوفًا من حركة الطبقة العاملة ، قام النظام الماوي بقمع التروتسكيين الصينيين ، واعتقل المئات من الأعضاء وعائلاتهم وأنصارهم في حملة التفتيش  في جميع أنحاء البلاد خلال الفترة ما بين 22 ديسمبر 1952 و 8 يناير 1953. من أبرز التروتسكيين اعتقلوا وظلوا مسجونين بدون تهمة لعقود. 

وفي قرار صدر عام 1955 ، وصف التروتسكيون الأمريكيون من حزب العمال الاشتراكي [1] الصين بأنها دولة عمالية مشوهة. لقد أرسى تأميم الصناعة والبنوك ، إلى جانب التخطيط الاقتصادي البيروقراطي ، أسس دولة عمالية ، لكن الستالينية شوهتها منذ ولادتها. لقد دافعت الأممية الرابعة دون قيد أو شرط عن علاقات الملكية المؤممة التي أقيمت في الصين. ومع ذلك، اعترفت في  الوقت نفسه بالأصول المشوهة البيروقراطية للنظام الماوي بوصفها السمة المهيمنة ، مما جعل الإطاحة به من خلال الثورة السياسية السبيل الوحيد للمضي قدماً لبناء الاشتراكية في الصين ، كجزء لا يتجزأ من النضال من أجل الاشتراكية على الصعيد الدولي.

إن العمال والشباب الصينيون  يعدون محقين  ثورة 1949 الصينية بمثابة تقدم هائل أنهى الهيمنة والاستغلال الإمبرياليين المباشرين ، ومثلت استجابة للتطلعات الاجتماعية للحركة الثورية للعمال والفلاحين، أجبرت الحزب الشيوعي الصيني على القضاء على الكثير مما كان متخلفاً اجتماعياً وثقافيًا في المجتمع الصيني ، بما في ذلك تعدد الزوجات وخطوبة الأطفال، وملزمة القدم  والتسري. كما تم القضاء على الأمية إلى حد كبير ، وزاد متوسط ​​العمر المتوقع بشكل ملحوظ.

ومع ذلك ، أدى المنظور الستاليني للحزب الشيوعي الصيني عن 'الاشتراكية في بلد واحد' في فترة زمنية قصيرة جداً إلى طريق مسدود اقتصادي وعزلة الصين الدولية بعد الانقسام الصيني السوفياتي في 1961-1963. ففي إطار الحكم الذاتي الوطني ، كانت القيادة الماوية غير قادرة على إيجاد حل لمشاكل الصين وتنميتها.

وكانت النتيجة سلسلة من الخلافات الداخلية المريرة والمدمرة بين الفصائل حيث كان الحزب الشيوعي الصيني يتدافع بحثاً عن مخرج من معضلاته. أدى ذلك إلى كارثة تلو الأخرى ارتبطت بمنظور الحزب القومي ومحاولات ماو للتغلب على مشاكل التنمية في الصين عن طريق المناورات الذاتية والبراغماتية.

وشمل هذا 'القفزة الكبرى إلى الأمام' الكارثية لماو ، التي أنتجت مجاعة جماعية ، والثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، التي لم تكن عظيمة ، ولا بروليتارية أو ثورية. أثبتت محاولة ماو حشد الطلاب وعناصر من البروليتاريا الرثة والفلاحين في الحرس الأحمر كوسيلة لتصفية الحسابات مع منافسيه أنها كارثة لا يمكن التغلب عليها تم وضع حد له باستخدام الجيش لقمع العمال الذين أضربوا.

التحول إلى استعادة الرأسمالية في العقد السابع من القرن العشرين

يجب على العمال الصينيين أن يميزوا بشكل حاد بين الثورة الضرورية والمبررة لعام 1949 والطابع الرجعي للثورة الثقافية ، التي لم يمهد اضطرابها سوى المسرح لنقطة تحول تاريخية رئيسية ثالثة هي استعادة الرأسمالية والتفكيك المنهجي لمكاسب  الثورة الصينيةعام 1949.

تسعى اتجاهات الماويين الجدد المختلفة بشكل خاطئ إلى تصوير ماو على أنه اشتراكي حقيقي وثوري ماركسي ، تعرضت أفكاره للخيانة من قبل الآخرين ، ولا سيمامن قبل دينغ شياو بينغ ، الذي أدخل إصلاحات أولية مؤيدة للسوق في عام 1978.

في الواقع ، كان ماو نفسه هو من فتح الطريق لاستعادة الرأسمالية. ففي مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة والتهديد بالحرب مع الاتحاد السوفيتي ، أقامت بكين تحالفاً مناهضاً للسوفييت مع الإمبريالية الأمريكية وضع الأساس لدمج الصين في الرأسمالية العالمية. كان تقارب ماو مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في عام 1972 شرطاً أساسياً مسبقاً للاستثمار الأجنبي وزيادة التجارة مع الغرب. أما في السياسة الخارجية ، فقد اصطف النظام الماوي مع بعض الديكتاتوريات الأكثر رجعية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها ، بما في ذلك ديكتاتوريات الجنرال أوغستو بينوشيه في تشيلي والشاه في إيران.

فبدون العلاقات مع الولايات المتحدة التي وفرت الوصول إلى رأس المال والأسواق الأجنبية ، لم يكن دينغ قادرًا على إطلاق أجندته الشاملة 'للإصلاح والانفتاح' في عام 1978 التي تضمنت مناطق اقتصادية خاصة للمستثمرين الأجانب ، والمشاريع الخاصة بدلاً من المزارع الجماعية في الريف ، و استبدال التخطيط الاقتصادي بقوانين السوق. وكانت النتيجة توسعاً هائلاً في المشاريع الخاصة ، لا سيما في الريف ، والارتفاع السريع لعدم المساواة الاجتماعية ، والنهب والفساد من قبل بيروقراطيي الحزب ، وتزايد البطالة ، وارتفاع التضخم الذي أدى إلى الموجة الوطنية من الاحتجاجات والإضرابات في عام 1989. إن شراسة دينغ في قمع الاحتجاجات ، ليس فقط في ميدان تيانانمين بل في سائر المدن في جميع أنحاء الصين ، فتحت الباب أمام تدفق المستثمرين الأجانب ، الذين أدركوا أنه يمكن الاعتماد على الحزب الشيوعي الصيني لمراقبة الطبقة العاملة.

يجد الدور الرجعي للماوية تعبيره الأكثر حدة في العواقب المروعة على المستوى الدولي لأيديولوجيتها الستالينية 'الاشتراكية في بلد واحد' و 'كتلة الطبقات الأربعة' ، مما أدى إلى إخضاع الطبقة العاملة للبرجوازية الوطنية. ففي إندونيسيا ، تركت هذه السياسة الطبقة العاملة منزوعة السلاح سياسياً في مواجهة الانقلاب العسكري الذي أدى إلى إبادة ما يقدر بمليون عامل. كما قادت الماوية إلى هزائم وخيانات مماثلة في جنوب آسيا والفلبين وأمريكا اللاتينية.

في حين يتباهى قادة صينيون كثيرون بالإنجازات الاقتصادية لما يسمى بشكل سخيف 'الاشتراكية ذات الخصائص الصينية'.

إن اضطرارهم للاستمرار في الحديث عن الاشتراكية وحتى إعلان أن سياساتهم الرأسمالية تسترشد بالماركسية هو دليل على التماثل الدائم للجماهير الصينية مع مكاسب ثورة 1949. عكس التطور الاقتصادي المذهل للصين على مدى العقود الثلاثة الماضية بطريقة متناقضة تأثير الثورة الصينية. لم يكن ذلك ممكناً لولا الإصلاحات الاجتماعية البعيدة المدى التي أدخلتها تلك الثورة.

ولفهم أهمية الثورة الصينية ، على المرء فقط أن يطرح السؤال: لماذا لم يحدث مثل هذا التطور في الهند؟ وجد التناقض بين البلدين تعبيراً حاداً في جائحة COVID-19 ، التي احتوتها الصين في وقت مبكر ، مقابل انتشاره بشكل لا يمكن السيطرة عليه في الهند ، مما دفع عدد القتلى إلى أكثر من 400000.

لقد أدى التطور الاقتصادي الذي لا يمكن إنكاره في الصين إلى توسيع صفوف الطبقة العاملة بشكل كبير ، مع تعزيز الظروف الاجتماعية لشرائح كبيرة من السكان العاملين.

على الرغم من هذا التطور ، تواجه الصين اليوم جميع التناقضات والعواقب المترتبة على التحول إلى الرأسمالية التي لا يمكن حلها في إطار الماوية أو السياسات الحالية للحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

تواجه الصين ثمناً باهظاً مقابل اندماجها في الاقتصاد الرأسمالي العالمي والتدفق الهائل لرأس المال الأجنبي والتكنولوجيا لاستغلال العمالة الصينية الرخيصة. أدى النمو الاقتصادي إلى تفاقم تناقضات الرأسمالية الصينية ، وولد توترات اجتماعية هائلة وغذى أزمة سياسية عميقة.

في حين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الصين قد ارتفع ، إلا أنه لا يزال متأخراً عن العديد من الدول الأخرى ويحتل المرتبة 78 في العالم. وفي هذا العام ، ومع اقتراب الاحتفالات المئوية ، تفاخر شي بأن الصين قد ألغت 'الفقر المدقع' ، لكن الإحصائيات ، المستندة إلى إجراء صارم للغاية ، مشكوك فيها إلى حد كبير ولا يزال الفقر منتشراً على نطاق واسع. علاوة على ذلك ، فإن الفجوة بين الأغنياء والفقراء أعلى من أي وقت مضى ، مع استمرار الثروة الهائلة لأصحاب المليارات في الصين في النمو وسط جائحة COVID-19 الذي أثر بشكل كبير على القطاع الأوسع من السكان.

وفي التحليل الأخير ، فإن الأسئلة التاريخية التي حفزت الثورة الصينية ،مثل الاستقلال عن الإمبريالية ، والتوحيد الوطني وكسر قبضة الرأسماليين الكمبرادوريين،  لا تزال دون حل.

في الواقع ، يتم طرحها اليوم في شكل أكثر حدة ، حيث يعتمد الاقتصاد الرأسمالي الصيني على السوق الرأسمالية العالمية ويواجه التطويق العسكري من قبل الإمبريالية ، بقيادة الولايات المتحدة. وبرزت تايوان ، التي تتطور كدولة وطنية معادية بشكل متزايد ، كنقطة اشتعال لحرب عالمية محتملة. إن المنظور الذي قدمته الماوية حول التنمية الوطنية المستقلة قد استُنفذ تماما.

ففي داخل الصين ، يروج الحزب الشيوعي الصيني للقومية القائمة على أغلبية الهان. في حين أن الدعاية الرجعية للإمبريالية حول 'الإبادة الجماعية' للأويغور تستحق الازدراء ، فإن جاذبية الحزب الشيوعي الصيني للمشاعر القومية لا تلعب أي دور تقدمي على الإطلاق في مجتمع واسع ومتعدد اللغات والأعراق.

ففي كل تناقضاته وتعقيده ، أكد تاريخ الصين فرضية نظرية تروتسكي للثورة الدائمة القائلة بأنه في البلدان ذات التطور الرأسمالي المتأخر ، والمعرضة للقمع الإمبريالي ، لا يمكن إنجاز المهام الديمقراطية والوطنية الأساسية إلا عن طريق الثورة الاشتراكية ، بقيادة الطبقة العاملة وبدعم من الفلاحين ، كجزء من النضال من أجل الاشتراكية العالمية.

هذا المسار للثورة الاشتراكية العالمية هو لعنة على الحزب الشيوعي الصيني والطبقات الرأسمالية التي يمثلها.

لا يوجد لدى الحزب الشيوعي الصيني حل للتوترات الاجتماعية الحادة وعلامات المعارضة المتزايدة بخلاف الأساليب القمعية للستالينية مثل الرقابة الشاملة والاعتقالات التعسفية والقمع العنيف للاحتجاجات والإضرابات. إن الحزب الشيوعي الصيني نفسه ممزق بالفساد والقتال بين الفصائل التي تهدد بتمزيقه. برز شي كشخصية بونابرتية ، يوازن بين الفصائل المتنافسة التي تعتمد عليه للحفاظ على تماسك الحزب. لا ينبع تمجيد شي ، الذي يُشار إليه بشكل روتيني باسم 'الوسط' ويحتل المرتبة الثانية بعد ماو ، من القوة السياسية الشخصية ، بل يعكس الأزمة العميقة التي تعصف بالحزب.

كل هذا يتفاقم بفعل المواجهة العدوانية المتزايدة للإمبريالية الأمريكية مع الصين على مدى العقد الماضي ، التي بدأها الرئيس أوباما وتسارعت في عهد ترامب وبايدن الآن. فبعد أن ساعدت في تأجيج عقود من النمو الاقتصادي في الصين ، فإن جميع فصائل الطبقة الحاكمة الأمريكية تعدالصين الآن التهديد الرئيسي للهيمنة الأمريكية العالمية وتستعد لاستخدام جميع الأساليب ، بما في ذلك الحرب ، لإخضاع الصين لـ 'النظام الدولي القائم على القواعد'. و هو نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي أسسته واشنطن.

إن منظور الحزب الشيوعي الصيني 'للتعايش السلمي' مع الإمبريالية وصعود الصين السلمي لتحتل مكانتها داخل النظام الرأسمالي العالمي أصبح في حالة يرثى لها. يحشد بايدن ، بدعم من الديمقراطيين والجمهوريين، حلفاء الولايات المتحدة ويضخ مئات المليارات من الدولارات للتسليح للحرب ضد الصين. في الوقت نفسه ، تسعى واشنطن إلى استغلال التوترات داخل الصين ، التي يغذيها القمع الشديد الذي يمارسه الحزب الشيوعي الصيني للميول الانفصالية العرقية ، في محاولة لإضعاف البلاد وتقسيمها.

في مواجهة الخطر الذي يلوح في الأفق بنشوب حرب كارثية ، تتصور قيادة الحزب الشيوعي الصيني الدفاع عن الصين من الناحية العسكرية والسياسة الخارجية ، وبناء قواتها المسلحة وتعزيز 'مبادرة طريق الحرير الجديدة'. من ناحية، تحاول استرضاء الإمبريالية الأمريكية وإبرام صفقة جديدة. من ناحية أخرى ، تسعى إلى الانخراط في سباق تسلح لا طائل من ورائه وتأجيج القومية و الشوفينية التي لا يمكن أن تنتهي إلا بكارثة. فبعد أن تخلى الحزب الشيوعي الصيني منذ زمن بعيد عن الأممية الاشتراكية التي تأسس عليها ، فإنه غير قادر من الناحية العضوية على توجيه أي نداء إلى الطبقة العاملة الدولية لبناء حركة موحدة مناهضة للحرب على أساس النضال من أجل الاشتراكية.

لا يمكن حل أي من المشاكل الضخمة التي تواجه البشرية مثل الحروب أو الكوارث البيئية أو الأزمات الاجتماعية أو جائحة COVID-19 ، في إطار الرأسمالية وتقسيمها العالم ،الذي عفا عليه الزمن، إلى دول قومية متنافسة. التحدي الذي يواجه العمال والمثقفين والشباب في الصين الذين يسعون إلى حل تقدمي هو رفض القومية الكريهة التي يجلدها جهاز الحزب الشيوعي الصيني والعودة إلى طريق الأممية الاشتراكية التي شكلت أساس تأسيس الحزب في عام 1921.

وهذا يعني إعادة صياغة الصلة بين الطبقة العاملة الصينية والحركة التروتسكية العالمية ، المتجسدة في اللجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI).نحن نحث العمال والشباب على الرجوع إلى دراسة تاريخ الأممية الرابعة والدروس السياسية من نضالها المستمر منذ عقود من أجل المبادئ الماركسية في معارضة الستالينية وأكاذيبها وتزييفها التاريخي. وقبل كل شيء ، ندعوكم للاتصال باللجنة الدولية للأممية الرابعة والبدء في عملية إنشاء قسم صيني للنضال من أجل منظورها الثوري.

الهوامش 

 [1] قاد حزب العمال الاشتراكي (SWP) في الولايات المتحدة النضال من أجل تشكيل اللجنة الدولية للأممية الرابعة في عام 1953 ضد تيار انتهازي بقيادة ميشيل بابلو وإرنست ماندل الذي رفض توصيف تروتسكي للستالينية كنزعة مضادة للثورة وادعى أنه يمكن الضغط على البيروقراطيات الستالينية في موسكو وبكين لإبراز توجه ثوري. في عام 1963 ، تخلى حزب العمال الاشتراكي عن النضال ضد الانتهازية ، وانفصل عن اللجنة الدولية للأممية الرابعة واتحد مع البابلويين على أساس غير مبدئي دون أي مناقشة للخلافات السياسية التي ظهرت في عام 1953.

Loading