العربية

باربادوس تعلن قيام جمهورية: إرث الإمبريالية البريطانية من العبودية والاستعمار

نشرت هذه المقالة في الأصل باللغة الإنجليزية في ديسمبر كانون الأول 13 2021

أدت السيدة ساندرا ماسون ، الحاكمة العامة لبربادوس منذ عام 2018 ، اليمين الدستورية كرئيسة لجزيرة بربادوس الواقعة في البحر الكاريبي  في 30 نوفمبر ، لتحل محل الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا رئيسةً للدولة.

جاء حفل أداء اليمين بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال الرسمي عن بريطانيا بعد 396 عاماً من تحول بربادوس إلى مستعمرة بريطانية وبعد ما يقرب من 250 عامًا من قيام المستعمرات الأمريكية بالتخلص من نير الملك جورج الثالث.

بربادوس ، التي أعلنت في العام الماضي خطتها للتحول إلى جمهورية ، مع البقاء ضمن الكومنولث ، وهو اتحاد فضفاض يضم 54 دولة عضو ، وكلها تقريباً مستعمرات بريطانية سابقة وتعيش حالياً وضعية التبعية ، ويهدف إلى الحفاظ على الاقتصاد والسياسة والعسكريين في بريطانيا ومنع تدهور الوضع. ما زال هناك 15 دولة فقط  تقر بالولاء للعرش البريطاني ، بما في ذلك أستراليا وكندا وجامايكا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة ، مما أدى إلى تفاخر رئيس الوزراء بوريس جونسون عبثاً في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأن 'بريطانيا العالمية' ستعيد تنشيط علاقاتها مع دول الكومنولث.

وكان الأمير تشارلز ، وريث العرش البريطاني ، ضيف الشرف في الحدث الذي أقيم في العاصمة بريدجتاون ، إلى جانب المغنية ريهانا ولاعب الكريكيت السير جارفيلد سوبيرز. وسط الكثير من البهاء والاحتفال ، تم إلقاء التحية الأخيرة على النظام الملكي ، وتم إنزال العلم الملكي واستبداله ، وحصل تشارلز على وسام الحرية من حكومة بربادوس. وأعلنت ميسون ، بشكل غير واضح ، إن سفينة جمهورية بربادوس أبحرت في رحلتها الأولى. أتمنى أن تتغلب على كل العواصف وترسو ببلدنا ومواطنيها بأمان في الآفاق والشواطئ التي تنتظرنا '.

رئيسة باربادوس الجديدة ساندرا ماسون ، وهي من يمين الوسط ، منحت الأمير تشارلز وسام حرية بربادوس خلال حفل التنصيب الرئاسي في بريدجتاون.

أشار تشارلز إشارة عابرة إلى الدور المروع لبريطانيا في تاريخ بربادوس ، قائلاً: 'منذ أحلك أيام ماضينا ، والفظائع المروعة للعبودية ، التي لطخت تاريخنا إلى الأبد ، شق شعب هذه الجزيرة طريقه بصلابة غير عادية.'

ولكن بغض النظر عن الطريقة التي قد يرغب بها تشارلز في تصوير العبودية واستعمار باربادوس على أنهما 'وصمة عار' في سجل بريطانيا الأصلي ، فإن الجرائم الدموية للإمبريالية البريطانية كثيرة ، بما في ذلك تلك القائمة في أيرلندا ، بما في ذلك المجاعة الكبرى في 1845،و نهب الهند والتقسيم الهمجي لاحقاً ، وحروب الأفيون في الصين ، والفظائع ضد حركة ماو ماو في كينيا على سبيل المثال لا الحصر.

بربادوس والرق

كانت بربادوس أول مجتمع عبيد مربح حقاً في إنجلترا إذ قدم ما وصفه ماركس بالتراكم الرأسمالي الأولي، ثم أصبحت نقطة الانطلاق لاستعمار أمريكا وتكررت طريقة عملها عبر ممتلكاتها الاستعمارية في نصف الكرة الغربي.

كتبت البروفيسورة هيلاري بيكلز ، مؤرخة بربادوس ورئيسة جامعة جزر الهند الغربية ، أن 'باربادوس كانت مهد مجتمع العبيد البريطاني والمنطقة التي عانت من استعمار النخب الحاكمة في بريطانيا عديمة الرحمة. لقد حققت ثرواتها من السكر الذي تنتجه قوة عاملة مستعبدة 'يمكن التخلص منها' ، وهذه الثروة العظيمة ضمنت مكانة بريطانيا كقوة إمبراطورية عظمى وتسببت في معاناة لا توصف '.

وصل المستوطنون البريطانيون الأوائل إلى بربادوس في عام 1625. كانت غير مأهولة إلى حد كبير نتيجة مواجهات قاتلة سابقة مع مستكشفين إسبان وتحت تأثير الأوبئة. كانت جزيرة مرجانية مسطحة بشكل عام وصالحة للزراعة ، على عكس الجزر البركانية الجبلية في المنطقة. ففي حين استخدم البريطانيون في البداية الخدم أو السجناء بعقود للعمل في المزارع ، سرعان ما أصبح العبيد القوة العاملة المهيمنة.

جلب الكابتن جون باول العبيد الأوائل إلى الجزيرة من غرب إفريقيا في عام 1627 ، كجزء من عملية تجارية ثلاثية إذ باعت السفن من أوروبا الغربية الأسلحة والسلع المصنعة مقابل عبيد من نيجيريا وغانا ، الذين تم نقلهم إلى بربادوس و جزر الكاريبي الأخرى - 'عبر الممر الأوسط' سيئ السمعة. هناك ، تم بيع العبيد ، وعادت السفن إلى إنجلترا محملة بمنتجات من الكاريبي  ، وكانت محمية من القوى المنافسة من قبل البحرية الملكية التي نمت كنتيجة مباشرة لتجارة الرقيق.

كانت ظروف أسر العبيد ، والمسيرات القسرية إلى الأبراج المحصنة في غرب إفريقيا واحتجازهم أثناء انتظار نقلهم إلى جزر الهند الغربية مروعة ، إذ مات الكثير منهم في زنازينهم. مات ما بين 10 و 30 في المائة على متن سفن العبيد ، حيث تم تقييد الرجال والنساء والأطفال معاً خلال الرحلة التي استمرت 100 يوم وسط قيئهم وبرازهم ، مع إلقاء عبيد مرضى أو ميتين في البحر. وحين وصلوا إلى جزر الهند الغربية ، تم تنظيفهم وتسمينهم مثل الماشية للبيع ، وجرى بيعهم بالمزاد ، مع ترك أولئك الذين عُدوا غير قابلين للبيع ليموتوا. في عام 1636 ، أصدر المسؤولون البريطانيون في باربادوس تشريعاً أعلن أن جميع العبيد سيظلون عبيداً مدى الحياة ، و تم تمديده لاحقاً ليشمل أطفالهم. تم تبني هذه القوانين لاحقاً من قبل بقية المستعمرات البريطانية الأخرى المالكة للعبيد.

كانت الظروف قاتلة في المزارع ، مع موت المزيد من الرجال والنساء والأطفال إذ عملوا 18 ساعة في اليوم في الحقول ، وزرعوا القطن أو التبغ أو الزنجبيل أو الورود التي تعطي صبغة اللون الأزرق القاتم، تحت سوط المشرفين عليهم. كتب توماس فيليبس  وكان قبطان إحدى سفن الرقيق في وقت لاحق عن العبيد الذين ألقوا بأنفسهم في البحر لتجنب النقل ، 'لديهم خوف مروع من بربادوس أكثر من خوفنا من الجحيم'.

في العقد الرابع من القرن السادس عشر ، جلب التجار الهولنديون السكر إلى بربادوس ومع المعرفة والتكنولوجيا المكتسبة من المزارع البرازيلية بينوا لمزارعي بربادوس كيفية زراعة قصب السكر ومعالجته لصنع دبس السكر والرّم. وحين أصبحت زراعة التبغ غير مربحة بعد وفرة التبغ المنتج في فرجينيا في العقد الخامس من القرن السادس عشر ، تم تخصيص الجزيرة لإنتاج السكر. كانت صناعة فريدة من نوعها جمعت بين كل من القوى العاملة الكبيرة والإنتاج الصناعي في شكل مصانع السكر ، وقد تطلب ذلك إزالة الغابات في بربادوس بشكل شبه كامل. و تطلبت هذه الصناعة أعداد هائلة من العمالة ، وقدمت 93 في المائة من صادرات الجزيرة ومع حلول الجزء الأخير من القرن السابع عشر ، حولت بريطانيا إلى لاعب رئيسي في تجارة الرقيق.

و بحلول عام 1750 ، أصبح السكر السلعة الأكثر قيمة في التجارة الأوروبية ، حيث شكل خمس الواردات الأوروبية إذ امتد الإنتاج في جميع أنحاء منطقة البحر الكاريبي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، و تم شحن حوالي ثلاثة أرباعه إلى لندن ، وأصبحت بربادوس أغنى من جميع المستعمرات الأوروبية في المنطقة.

لم يتمكن إلا قلة من العبيد من الصمود أكثر من تسع سنوات في 'الجزر البريطانية المشمسة، طلب أصحاب المزارع المزيد من شحنات العبيد لتجديد قوة العمل. كانت الظروف في المزارع في بربادوس مروعة لدرجة أن التمرد والخوف من التمرد كانا سمة أساسية للحياة الاستعمارية. كانت هناك ثلاث تمردات رئيسية للعبيد في القرن السابع عشر ، في أعوام 1649 و 1675 و 1692 ، وتم قمعها كلها بهمجية بالغة. ففي جامايكا ، صمد العبيد الهاربون ، المعروفون باسم المارون ، لعقود في الجبال ضد البريطانيين ، إذ زرعوا حيثما تمكنوا من إقامة المزارع. كانت هناك تمردات متكررة على المعابر وفي موانئ العبيد في أفريقيا وكذلك في الموانئ التي نزلوا فيها. وانتشرت هذه الثورات على نطاق واسع ، وزعزعت استقرار المجتمع الاستعماري.

شارك ملوك إنجلترا في تجارة الرقيق منذ البداية ، واستأجروا سفناً وأخذوا نصيباً من العائدات ، وهذا أمر التزم  الوريث الحالي للعرش الصمت حوله. نمت هذه المشاركة في القرن السابع عشر عندما لجأ أنصار الملكيين إلى بربادوس بعد هزيمتهم في الحرب الأهلية الإنجليزية. في وقت لاحق ، منح البرلمان ، بدعم من الملك تشارلز الثاني وشقيقه دوق يورك الذي أصبح في ما بعد جيمس الثاني ، براءة اختراع جديدة لشركة Royal Adventurers ،وجمعية غامبيا الملكية ولاحقاً الشركة الملكية الأفريقية (RAC) – وهي من الشركات التي كان للعائلة المالكة حصص كبيرة فيها. لقد منحهم احتكاراً لمعظم تجارة غرب إفريقيا ، والتي شملت الذهب وكذلك العبيد ، والتي ازدهرت منها موانئ لندن وبريستول وليفربول ، واستفاد النظام الملكي مباشرة. كان الذهب الذي قدمته هذه الشركات إلى دار سك النقود الملكية يسمى غينيا ، نسبة إلى الدولة الواقعة في غرب إفريقيا التي أُخذ منها الذهب.

في عام 1797 ، صُدم الكاهن الشاعر ويليام باجشو ستيفنز لرؤية 1200 سفينة كانت في المرسى أثناء زيارته لأرصفة ليفربول الضخمة. وقد كتب في مذكراته أن 'في هذه المدينة الكبيرة البناء ، كل حجر مدعم ... بدم وعرق الزنوج' - وهي عبارة تبناها لاحقاً العديد من معارضي العبودية.

أدى التنافس الشديد بين القوى الأوروبية إلى سلسلة من الحروب التي انتهت بعد أن تمكنت بريطانيا في النهاية من الهيمنة على حساب منافسيها الهولنديين والبرتغاليين والفرنسيين والدنماركيين. كانت بريطانيا مسؤولة عن الحصة الأكبر من 9-15 مليون من العبيد الذين أخذهم التجار الأوروبيون عبر المحيط الأطلسي ، وسيطرت على التجارة بحلول منتصف القرن الثامن عشر لدرجة أنه في عام 1776 ، حين أعلنت 13 مستعمرة بريطانية أمريكية استقلالها ، استأثرت بأكثر من نصف العبيد الذين تم نقلهم عبر المحيط الأطلسي.

ذهب حوالي 18 في المئة من مجموع العبيد إلى جزر الكاريبي ، أي ما يقرب من ضعف العدد الذي ذهب إلى مستعمرات أمريكا الشمالية. وتراوحت تقديرات أعداد العبيد الذين تم شحنها إلى باربادوس بين عامي 1627 و 1807 ، لما ألغت بريطانيا تجارة الرقيق ، بين 387000 و 600000. وأشارت التقديرات إلى أن تجار العبيد البريطانيين حققوا أرباحاً قاربت 12 مليون جنيه إسترليني من شراء وبيع الأفارقة بين عامي 1630 و 1807 ، وربما 16 مليار جنيه إسترليني مقدرة بقيمة تلك الأموال اليوم.

بعبارة أخرى ، كان لدى جزر الكاريبي البريطانية حوالي مليون عبد عملوا 3000 ساعة في السنة ، دون فلس واحد من الأجور ، في  إنتاج السكر والقهوة والقطن ، في وقت كان عدد سكان إنجلترا خمسة ملايين فقط.

سرعان ما جعلت تجارة السكر المربحة للغاية باربادوس مستعمرة بريطانيا الأكثر اكتظاظاً بالسكان وربما واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض. أصبحت نقطة انطلاق لاستعمار الأمريكيتين ، لا سيما في ما يتعلق بجامايكا وكارولينا الشمالية في أمريكا الشمالية ، حيث نقلت نموذج الهند الغربية للمزارع والعبودية إلى المستعمرات الجديدة ، وتدفق المستوطنون إلى أجزاء أخرى من العالم الجديد و أصبحوا قوة سياسية قوية إذ انضم التجار البريطانيون ومالكو مزارع الهند الغربية إلى تشكيل مجموعة الهند الغربية في العقد الرابع من القرن التاسع عشر للضغط على البرلمان نيابة عن تجارة السكر في منطقة البحر الكاريبي. كان أصحاب المزارع أو ممثلوهم قادرين على شراء الأحياء المتعفنة ، ويحصلوا على أصوات الناخبين الأمر الذي منحهم 40 إلى 50 مقعداً في البرلمان.

أصبح أصحاب المزارع همزة الوصل بين السياسات الأكثر رجعية  'الفساد القديم' ، مع جزر الهند الغربية البريطانية ، بما في ذلك باربادوس ، و من بين أقوى مؤيدي الملك جورج الثالث في حرب الاستقلال الأمريكية ، ثم وفروا لاحقاً الملاذ للموالين الأمريكيين المهزومين .

كما لعبت تجارة الرقيق دوراً هاماً في تطوير الاقتصاد الأوسع لبريطانيا ، من خلال تزويد مصانعها وورشها بإمكانية الوصول إلى المواد الخام. و ظهرت المؤسسات المالية والتجارية والقانونية والتأمينية لدعم التجارة ، بما في ذلك Lloyds Insurance و Barclays Bank و Barings ، حيث أصبح بعض التجار مصرفيين وخدمت أرباح تمويل تجارة الرقيق تطوير أعمال وصناعات جديدة ، مما أتاح فرصة التوسع الهائل في المنتجات المصنعة والبضائع التي جعلت من بريطانيا 'ورشة العالم' في القرن التاسع عشر.

الغاء الرق

ألهمت أفكار التنوير - الحرية والمساواة والحقوق الديمقراطية - المتجسدة في الثورتين الأمريكية والفرنسية ، مشاعر مناهضة للعبودية على نطاق واسع ، في كل من المستعمرات وبريطانيا ، حيث أصبحت العبودية رمزاً للفساد القديم. أصبح إلغاء الرق حركة عبر المحيط الأطلسي. فمن الناحية الاقتصادية ، قوضت الثورة الأمريكية النظام التجاري البريطاني ، وعززت الطبقة الصناعية الصاعدة حتى حين أصبحت صناعتها متشابكة بشكل متزايد مع اقتصاد عبيد القطن في الجنوب الأمريكي ، وتزايدت بسرعة بعد اختراع محلج القطن في عام 1793.

كان من المفترض أن تؤدي الثورة الفرنسية إلى ثورة العبيد في عام 1791 بقيادة توسان لوفرتور ، وهو عبد سابق في هاييتي وقائد عسكري لجيش من العبيد السابقين والفارين من الجيوش الفرنسية والإسبانية ، الذين حاربوا لإنهاء العبودية والحصول على استقلال هاييتي عن فرنسا. أنهت فرنسا وإسبانيا ، بنجاح العبودية هناك عام 1804.

أمافي بريطانيا ، فقد أنشأ ويليام ويلبرفورس لجنة إلغاء الرق وبدأ حملة في البرلمان عام 1787. كما نما دعم مناصري إلغاء عقوبة الإعدام بسرعة وانتشر شعارهم ، الذي صممه جوشيا ويدجوود في عام 1787 ، الذي صور رجلاً أفريقياً راكعاً يسأل ، 'ألست رجلاً وأخاً؟' في كل مكان.

تضاعفت الالتماسات الداعمة لإلغاء عقوبة الإعدام التي اجتذبت الآلاف من التوقيعات ، وأصبحت سلاحاً سياسياً بأيدي العمال مما عكس تزايد تطرف مواقفهم ، إذ قدمت مانشستر ، وهي مدينة بلغ عدد سكانها حوالي 75000 شخصاً ، 10639 توقيعا في أكثر من 100 التماس في عام 1788 و 20000 في 519 التماساً في عام 1792 لدعم مشروع قانون ويلبرفورس لمكافحة الرق.

مع وجود حوالي 20000 شخص من أصل أفريقي في لندن ، بما في ذلك العبيد السابقين ، لعب النشطاء السود مثل روبرت ماندفيل وتوماس كوبر وجاسبر جوري وويليام جرين وأوتوبا كوجوانو دوراً مهماً في الحركة المناهضة للعبودية. كان من أشهر وأغنى الكتاب Olaudah Equiano ، الصحفي والعبد السابق ، الذي كشفت سيرته الذاتية عن معاناة رحلة الممر الأوسط - وهوأول كتاب من هذا القبيل عن عبودية الرقيق - وبيع منه 50000 نسخة في غضون شهرين من النشر عام 1788.

أعلن Equiano أيضًا عن مذبحة Zong الشائنة في نوفمبر 1781 ، لما ألقى طاقم سفينة الرقيق البريطانية أكثر من 130 من الأفارقة المستعبدين في البحر بعد نفاد مياه الشرب. قدم أصحاب Zong مطالبة لشركات التأمين الخاصة بهم عن خسارة العبيد ، مما أدى إلى سلسلة من القضايا القضائية ، أيدت إحداها شرعية قتل المستعبدين في بعض الظروف وطالبت شركات التأمين بتعويض المالكين عن أولئك الذين ماتوا . وقضت محكمة لاحقة ضد المالكين بسبب أدلة تظهر خطأ القبطان وطاقم الباخرة.

أصبحت مذبحة تسونغ رمزا لأهوال الممر الأوسط وأعطت زخماً قوياً لحركة إلغاء الرق في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. أدى ذلك إلى تشريع حظر على شركات التأمين تعويض مالكي السفن عن إلقاء العبيد في البحر. كما ألهم الشعراء والفنانين ، بما في ذلك JMW Turner ، الذي رسم لوحة باخرة العبيد التي عُرضت في الأكاديمية الملكية في عام 1840 ، و ويليام بلاك ، الذي عرض سرداً لحملة خمس سنوات ضد الزنوج المتمردين في سورينام 1791 ، كما وصف جون ستيدمان  القمع الهمجيي لثورة العبيد في أمريكا الجنوبية ، الذي صور المعاناة الرهيبة للعبيد الذين تم تعذيبهم بسبب تمردهم.

ومع ذلك ، فقد استغرق الأمر سنوات من النضال قبل أن يؤمن ويلبرفورس نهاية تجارة الرقيق في عام 1807 ، الذي عُد في البداية إجراءً هدف إلى تقويض الاقتصاد الفرنسي. وتوقع أن يؤدي هذا إلى تحسين الظروف في المزارع ويؤدي إلى نهاية العبودية.وقعت انتفاضات أخرى ، بما في ذلك التمرد الذي استمر ثلاثة أيام بقيادة بوسا بايلي في باربادوس في عام 1816 والتي شهدت قيام الميليشيات الاستعمارية بقتل أكثر من 800 من العبيد في القتال وإعدام 100 آخرين على الأقل ، وكذلك تمرد ديمارارا (غيانا الآن) في عام 1823 ،و أوضح أنه لا يمكن الحفاظ على العبودية إلا إذا أرسلت بريطانيا القوات ، وهو ما لم يكن البرلمان مستعداً للقيام به.

في عام 1824 ، نشر روبرت ويديربيرن ، وهو وزير جامايكي انتمى إلى الكنيسة الموحدة ، جاء إلى بريطانيا عام 1778 ، ونشر عن أهوال العبودية ، الذي وصلت جاذبيته الثورية إلى المستعمرات. كان شعاره الحماسي والثابت لزملائه السود 'من المهين للطبيعة البشرية أن تقدموا التماسات إلى مضطهديكم'. استمرت الاضطرابات، وبلغت ذروتها في ثورة جامايكا في عيد الميلاد عام 1831 التي شهدت مقتل أكثر من 400 من العبيد خلال قمعها وتعرض العديد من الوزراء البريطانيين غير الملتزمين للضرب ولطليهم بالقطران والريش لتورطهم في الانتفاضة.

أدت هذه الأحداث إلى تأجيج الرأي العام في بريطانيا ضد أصحاب المزارع وسط التعبئة الجماهيرية المستمرة للطبقة العاملة للمطالبة بإصلاحات انتخابية وتخفيف ظروفها المعيشية البائسة ، مما أعاد تسعير المطالبة بإنهاء الرق. ترافق ظهور حركة إلغاء الرق من جديد مع تدفق المطبوعات والنشرات المناهضة للعبودية وتقديم الإلتماسات المتجددة. ففي عام 1814 ، كان هناك 1.5 مليون توقيع على أكثر من 800 عريضة مناهضة للعبودية في شهر واحد. و بين عامي 1826 و 1832 ، تلقى مجلس اللوردات أكثر من 3500 التماساً.

لقد كان البرلمان الذي تأسس بعد قانون الإصلاح العظيم لعام 1832 ، هو الذي ،  جرح النظام السياسي القديم ، وجلب مصالح سياسية جديدة إلى البرلمان على الرغم من  أنه لم يبشر بنظام ديمقراطي أو يمنح الطبقة العاملة حق التصويت. و كواحد من أولى أعماله ، أصدر تشريعاً في عام 1833 ألغى العبودية في جميع الأراضي الواقعة تحت الحكم البريطاني.

ومع ذلك ، فقد تضمن قانون إلغاء الرق تدابير مصممة لإبقاء العبيد ملتزمين بالمزارع ، مما حد من حقهم في ملكية الأرض ووفر في الواقع شكلاً من أشكال العمل بالسخرة لمدة ست سنوات كشكل من أشكال 'التدريب المهني'. علاوة على ذلك ، وعلى عكس الحرب الأهلية الأمريكية التي حررت العبيد دون تعويض بنس واحد لمالكيهم السابقين ، أجاز قانون تعويض الرقيق لعام 1837 ، استجابة لضغوط مجموعة لوبي West India Interest ، بدفع حوالي 20 مليون جنيه إسترليني تعويضات (قرابة 17 مليار جنيه استرليني بأسعار اليوم) إلى 40.000 من أصحاب العبيد ، وكثير منهم لم تطأ أقدامهم مزارعهم في منطقة البحر الكاريبي. كان هذا يعادل حوالي 40 في المئة من عائدات الضرائب على الخزانة في ذلك الوقت. لم يتم تقديم فلس واحد للعبيد السابقين فيما مثل أكبر خطة إنقاذ في التاريخ البريطاني حتى خطة إنقاذ رئيس الوزراء العمالي جوردون براون للبنوك في 2008-2009.

استخدم مالكو العبيد الأموال للاستثمار في سوق السندات المتنامي ، وشراء العقارات في بريطانيا ورعاية الفنون والعمارة وسيلةً لغسيل صورتهم وشراء الاحترام في الوطن.

كما استخدمت الطبقة السائدة البريطانية ، التي لم تفوت أي فرصة للتسجيل ضد منافسيها ، قانون الإلغاء لتتظاهر بأنها هيئة رقابة على مكافحة الرق ، وراقبت ساحل غرب إفريقيا ، وحاصرت موانئها ، واستولت على السفن التي نقلت العبيد ، وحمت المصالح التجارية لبريطانيا كمقدمة لاستعمار أفريقيا في وقت لاحق.

إرث العبودية وتأثير الحكم الإمبريالي اليوم

تركت نهاية العبودية العبيد السابقين كخدم بعقود بموجب عقود عمل مدتها 12 عامًا ، وهي أطول فترة من نوعها في منطقة البحر الكاريبي ، حيث يتلقون في المقابل بعضاً من أدنى الأجور في المنطقة. عمل البعض لمدة 45 ساعة في الأسبوع بدون أجر من أجل الاحتفاظ بمسكن عائلاتهم في أكواخ صغيرة ، بينما غادر البعض الآخر المزارع ، مما أجبر أصحابها على البحث عن عمال في إسبانيا والبرتغال والهند والصين. تمكن قلة من العبيد المحررين من حرث حقولهم نتيجة افتقارهم لحقوق لامتلاك الأرض ، قلة منهم حرثوا حقولهم. كانت الضرائب مرتفعة وأصبح الكثير منهم عاطلين عن العمل إذ جلب أصحاب المزارع معدات آلية.

استمر سوء المعاملة والحرمان ، وقد مكن  موقف الدولة المجامل لأصحاب المزارع وليس بشكل مباشر لمالكي العبيد السابقين ، مالكي المزارع والتجار من أصل بريطاني من مواصلة هيمنتهم على سياسة الجزيرة.

والمذهل إنه لم يتم تعديل مؤهلات الدخل المرتفع المطلوبة للحصول على حق التصويت الأمر الذي استبعد أكثر من 70 في المئة من السكان حتى عام 1942.

بدأ أحفاد العبيد المحررين حركة من أجل الحقوق السياسية في العقد الثالث من القرن الماضي ، و سيطر اتحاد باربادوس التقدمي على الحركة ، وأصبح في ما بعد حزب العمال في بربادوس ، الذي كان زعيمه جرانتلي آدامز مناهضاً قوياً للشيوعية ومؤيداً لحزب الملكية البريطانية، ثم أصبح رئيساً للوزراء في عام 1953 ، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1961 ، ثم حصل على لقب فارس من قبل صاحبة الجلالة للخدمات التي قدمها. وأصبح ابنه في ما بعد ثاني رئيس وزراء لبربادوس منذ الاستقلال في عام 1966 ، بين عامي 1976 و 1985.

لم تكن أي من حكومات الجزيرة قادرة على إصلاح إرث الإمبريالية البريطانية من التخلف والتبعية وفوق كل ذلك الصعوبات الاقتصادية وعدم المساواة الاجتماعية. اليوم ، تعتمد الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في هذه الجزيرة 'الجنة' تحت أشعة الشمس ، على السياحة (التي مثلت 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019) ، والخدمات المالية للشركات العالمية والحكام الفاسدين الذين يستخدمون بربادوس كملاذ ضريبي ، والتحويلات المالية من المهاجرين ، عبر منطقة البحر الكاريبي وجميع الممتلكات الاستعمارية السابقة للقوى الإمبريالية.

أشار تقرير حديث للبنك الدولي إلى تأثير الأزمة المالية العالمية 2008-2009 ، التي عجلت بها الممارسات الإجرامية للمؤسسات المالية الكبرى في العالم ، والتي لم تتعاف بربادوس منها قط. ارتفعت القروض الحكومية من 55٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008 إلى 158٪ في عام 2017 ، مما أدى إلى ركود كبير ، وتعليق مدفوعات ديونها في عام 2018 ، وخطة إعادة هيكلة تهدف إلى خفض الإنفاق الحكومي وتأمين قرض من صندوق النقد الدولي. حتى قبل ذلك ، ارتفعت نسبة سكان بربادوس الذين يعيشون في فقر من 15.1 في المئة في عام 2010 إلى 17.2 في المئة في عام 2016. وقد أثرت كل من خطة إعادة الهيكلة والوباء مؤخراً بشكل كبير على سبل عيش العمال ، حيث من المتوقع أن يتقلص الاقتصاد بنسبة 17 في المئة في عام 2020. وفقاً للبنك الدولي ، أبلغت أسرة واحدة من كل خمس أسر عن فقدان مصدر دخلها الرئيسي في الربع الأول من عام 2020 ، مع  امتلاك 40 في المئة من القدرة على تلبية احتياجاتها الأساسية.

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن تأثير الوباء على الظروف الاقتصادية والاجتماعية كان أكبر في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي منه في أي منطقة صاعدة أو متقدمة أخرى. كما أشار تقرير حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، إلى إن أزمة COVID-19 دخلت المنطقة إذ عانت معظم هذه البلدان من استياء اجتماعي متزايد ، بعد خمس سنوات من أضعف نمو منذ العقد الخامس من القرن العشرين. ففي عام 2019 ، كان النمو صفرياً تقريباً ، مع اندلاع الاحتجاجات في جميع أنحاء المنطقة. لقد أثر الوباء على كل جانب من جوانب حياة الناس ، مما أدى إلى اتساع نطاق عدم المساواة. على الرغم من أن الوباء وصل إلى أكثر مراحله فتكاً منذ بداية عام 2020 ، فقد طبقت الحكومة ، مثل نظيراتها في أماكن أخرى ، قيوداً رمزية  بهدف الحفاظ على تدفق الأرباح.

تُوفر هذه الظروف الرهيبة السياق لقرار حكومة بربادوس أن تصبح جمهورية بعد 396 عاماً من الولاء للتاج البريطاني. إنها ليست أكثر من محاولة لتعزيز مصداقيتها المتلاشية في مواجهة السخط الاجتماعي المتزايد بينما تستعد لمحاربة أي حركة ضد الرأسمالية وإطلاق العنان لقمع الدولة للحفاظ على ثروة وامتيازات نخبة صغيرة. وهي تأمل في 'تخدير' العمال وعائلاتهم بالحديث عن 'بداية جديدة' ، وهو تعبير ملطف ساخر لمزيد من الإصلاحات القائمة على السوق في خدمة البنوك الدولية.

يقدم تاريخ بربادوس تفنيداً قوياً للأطروحة المركزية لمشروع 1619 في نيويورك تايمز ، الذي ادعي أن الثورة الأمريكية ، بعيداً عن أنها محاولة للتخلص من استبداد الملك جورج الثالث ، كانت ثورة مضادة تم شنها للدفاع عن مؤسسة العبودية ضد حكم بريطانيا الأكثر استنارة.

يُظهر هذا الاستعراض الموجز أن بريطانيا كانت لاعباً رئيسياً في تجارة الرقيق ونظام مزارع ملكية العبيد. لقد قمعت كل الجهود التي بذلها العبيد أنفسهم للتخلص من أغلالهم بأقصى درجات الهمجية، حتى أطاحت مجموعة من المصالح الاقتصادية وحركة جماهيرية للطبقة العاملة وجهود العبيد السابقين والعبيد أنفسهم بالمؤسسة المكروهة.

المعادل الحديث للعبودية هو نظام عبودية الأجور البالية والمليئة بالأزمات ، أي النظام الرأسمالي نفسه ، الذي يحكم على المليارات بالفقر والبؤس ويطلق العنان للوباء. لا يمكن للطبقة العاملة أن تحرر نفسها إلا من خلال بناء حزب مستقل تماماً عن الطبقة الرأسمالية ، قائم على برنامج ثوري أممي ، موجه نحو تأسيس سلطة العمال ، والقضاء على الرأسمالية ، وتنظيم مجتمع اشتراكي عالمي.

واللجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI) هي المنظمة السياسية الوحيدة التي تسعى إلى تنظيم وتوحيد الطبقة العاملة دوليًا في النضال ضد الاستغلال الرأسمالي والفقر والجائحة والحرب. والقضية السياسية الحاسمة اليوم هي بناء أقسام من اللجنة الدولية للأممية الرابعة في منطقة البحر الكاريبي وفي جميع أنحاء العالم.

Loading