العربية

تركيا قصفت القوات الكردية في سوريا والعراق

نُشر هذا المقال في الأصل باللغة الإنجليزية في 21 نوفمبر 2022

أعلنت وزارة الدفاع التركية ، فجر الأحد، بدء 'العملية الجوية مخلب السيف ' التي تستهدف الميليشيات القومية الكردية في شمال العراق وشمال سوريا. ووفق البيان ، فقد أصيبت مواقع قنديل وأسوس وهاكورك في شمال العراق وكوباني وتل رفعت والجزيرة وديريك في شمال سوريا. وبحسب ما ورد نُظمت احتجاجات حاشدة في العديد من الأماكن في شمال سوريا ضد الضربات الجوية.

وقالت الوزارة إن الضربات الجوية 'نُفذت بما يتماشى مع حق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة'. وبحسب ما ورد استخدمت الطائرات الحربية التركية المجال الجوي السوري ، الذي تسيطر عليه روسيا ، وبالتالي فإن حكومة روسيا سمحت ضمنياً بحدوث القصف.

وتأتي هذه العملية ضد وحدات حماية الشعب (YPG) المدعومة من الولايات المتحدة والجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وحزب العمال الكردستاني (PKK) في خضم حرب الناتو ضد روسيا في أوكرانيا.

وبحسب بيان وزارة الدفاع التركية ، فإن القصف استهدف 'ملاجئ ومخابئ وكهوف وأنفاق ومستودعات ذخيرة وما يسمى مقرات ومعسكرات تدريب' تابعة لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب ، بدعوى عدم إصابة المدنيين. لكن بحسب ANHA (وكالة أنباء هاوار) ، قُتل 11 مدنياً ، بينهم مراسل ANHA عصام عبد الله ، وأصيب 6 أشخاص بينهم صحفي كما زعم التقرير أن 14 جندياً سورياً قتلوا أيضاً.

وأكدت وكالة أنباء سانا السورية المملوكة للدولة مقتل جنود سوريين لكنها لم تذكر عدد القتلى.

وقد ألقت وزارة الداخلية التركية باللوم على حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب وحملتهم مسؤولية هجوم صاروخي على بوابة أونشوبينار الحدودية في كيليس أمس ، الأمر الذي أدى إلى إصابة 8 من أفراد الأمن. كما أفادت وكالة الأناضول عن إطلاق أربعة صواريخ على منطقة كركاميش بمحافظة غازي عينتاب في شمال سوريا مساء أمس ، وسقطت الصواريخ في مناطق خالية. وحمل التقرير حزب الاتحاد الديمقراطي  المسؤولية عن تلك الصواريخ . 

وأفاد فرهاد الشامي ، رئيس المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية ، التي تشكل وحدات حماية الشعب العمود الفقري لها ، أن غارات جوية دمرت مستشفى كوفيد -19 في كوباني ومحطة الكهرباء في ديريك ومخازن الحبوب في ضاهر العرب.

وحذر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في بيان من أن الصراع قد يتصاعد. قال: 'لا نريد اندلاع حرب كبيرة. لكن إذا أصرت الدولة التركية على الحرب ضدنا ، فنحن مستعدون لمقاومة كبيرة. لا تقتصر الحرب هنا فقط ، بل تنتشر في كل مكان ويتأثر الجميع بهذه الحرب '. وأضاف حزب الاتحاد الديمقراطي ، أن 'روسيا والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مسؤولان عن الفظائع التي ترتكبها الدولة التركية ضد شعبنا'.

قدمت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان العملية على أنها رد على الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم الأحد الماضي واستهدف المدنيين في شارع الاستقلال ، أحد أكثر المراكز اكتظاظاً في اسطنبول. ووصفت وزارة الدفاع الضربات الجوية بأنها 'وقت سداد الدين! وسيحاسب الأوغاد على هجماتهم الغادرة '، بينما غرد المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين قائلاً ' إنه يوم الحساب على تفجير شارع الاستقلال! '

وألقت الحكومة التركية باللوم على حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب فيما تعلق بالهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص ، بينهم طفلان ، وإصابة 81 آخرين ، لكن الطرفين  نفيا هذه المزاعم.  وقيل أن أحلام البشير ، منفذة الهجوم الرئيسية المزعومة ، زعمت أنها 'عضوة في وحدات حماية الشعب' ولكنها  أضافت أن 'وحدات حماية الشعب هددت بإيذاء إخوتها' لإجبارها على تنفيذ الهجوم. وقد أوقف  بعد الحادث 19 شخصا ً ورُحل 29 آخرين.

إلى جانب الشكوك حول أحلام البشير ، التي قيل إنها 'ضابط مخابرات في وحدات حماية الشعب' ، فإن الكشف عن أن حزب الحركة القومية الفاشي ، وهو حليف لحكومة أردوغان ، أجرى مكالمات هاتفية مع أحلام البشير ، الأمر الذي أثار شكوكاً حول التصريحات الرسمية. المقابل زعم محمد أمين إلهان ، رئيس منطقة غوكلوكوناك التابعة لحزب الحركة القومية في شرناق ، أن خط الهاتف المسجل لديه قد تم الحصول عليه بشكل غير قانوني وأنه لم يتحدث إلى أحلام البشير.

وهذا يثير مسألة ما إذا كان إلقاء اللوم على حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في الهجوم الإرهابي في إسطنبول في الواقع جزء من تخطيط أنقرة لعملية في سوريا تستهدف الميليشيات الكردية.

كما أصدرت القنصلية الأمريكية العامة في أربيل أيضاً، خلال الأيام الأخيرة، تحذيراً للمواطنين الأمريكيين على موقعها على الإنترنت لفت الأنظار ، وقالت إنها 'تراقب تقارير موثوقة، لديها القدرة على الوصول إلى المصدر، عن عمل عسكري تركي محتمل في شمال سوريا وشمال العراق في الأيام المقبلة. . وأن حكومة الولايات المتحدة تواصل تقديم النصيحة الشديدة لمواطني الولايات المتحدة لتجنب هذه المناطق '.

وفي المحصلة ، استغلت حكومة أردوغان هذا الهجوم الإرهابي ذريعة لعملية جديدة ضد القوات القومية الكردية في سوريا والعراق. في حين إنه في  الواقع ، تعود استعدادات أنقرة لغزو سوريا إلى مايو إذ  أعلن أردوغان في 23 مايو ما يلي : 'سنبدأ قريباً في اتخاذ خطوات جديدة فيما يتعلق بالأجزاء غير المكتملة من العمل الذي بدأناه لإنشاء مناطق آمنة بعمق 30 كيلومتراً على طول حدودنا الجنوبية'.

لكن أنقرة لم تتمكن حينئذ من الحصول على الضوء الأخضر لعملية جديدة من واشنطن التي استخدمت وحدات حماية الشعب كقوة مقاتلة بالوكالة ضد نظام الرئيس الأسد في سوريا ، ولا من روسيا وإيران اللتين تدعمان نظام الأسد.

يدعو موقع  الاشتراكية العالمية ومجموعة المساواة الاشتراكية العمال إلى معارضة استخدام هجوم إرهابي كذريعة للعسكرة والحرب وتحذير العمال دولياً من مخاطر التصعيد العسكري. تشير حقيقة مقتل جنود الحكومة السورية بالفعل إلى احتمال حدوث مزيد من التصعيد بين القوات التركية والسورية. إذ سبق أن تصاعدت التوترات المتزايدة بين دمشق وأنقرة ، الداعمة المتحمسة لحرب الناتو لتغيير النظام في سوريا ، إلى مواجهة مباشرة في عام 2020.

وقد شنت أنقرة، منذ 2016، العديد من العمليات في سوريا لمنع ظهور دولة كردية على حدودها الجنوبية ، وطالبت حلفائها في الناتو ، ولا سيما الولايات المتحدة ، بالتوقف عن استخدام وحدات حماية الشعب الكردية كقوة بالوكالة في سوريا. وحالياً  تسيطر القوات المسلحة التركية ووكلائها الإسلاميون على حوالي 10 في المئة من سوريا ، وهي منطقة يقطنها 4.4 مليون شخص.

بالإضافة إلى ذلك ، تواجه حكومة أردوغان أزمة اقتصادية واجتماعية متفجرة في الداخل إذ بلغ معدل التضخم السنوي الرسمي 85 في المئة ، في حين عانى عشرات الملايين من العمال من إفقار غير مسبوق. مع تزايد السخط داخل الطبقة العاملة ، تتجه تركيا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في عام 2023.

في ظل هذه الظروف ، يسعى أردوغان إلى قمع التوترات الطبقية وإعادة ترسيخ قاعدة دعمه من خلال تعزيز القومية والعسكرة التركية. كما تهدف الحكومة أيضا ًإلى طرد اللاجئين العرب السوريين من تركيا من خلال إجبار وحدات حماية الشعب الكردية على الخروج من شمال سوريا حتى تتمكن من وضع اللاجئين هناك.

إن الرد التقدمي الوحيد على هذا الصراع ، الذي تطور كنتاج ثانوي للحرب الإمبريالية التي استمرت ثلاثين عاما ً من قبل القوى التي تقودها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، هو الوحدة الاشتراكية الثورية للطبقة العاملة ضد الإمبريالية وجميع وكلائها الرأسماليين.

Loading